فاء.. فاطمة

جوان 24, 2012

ومن الفاءِ ما فَارَ، وانفجرَ، وانفَرَدْ
فَيضُ نور
فَرضُ عَين
ومن الفاءِ ما فتنْ
***
أتَعلَمينَ يا فاطمة كمْ بحثتُ عنكِ؟
أسألُ عنكِ الملائكةَ كلَّ صبحٍ
“مَن يَهتدي مِنكم لطريقٍ يلتَمسُ فيهِ ريحَ فاطمة
فليَدُلنِي علَيه”
أُحَدِّثُ الشَياطينَ عن حبِّنا
حينَ يأتونَ إليَّ كلَ ليلةٍ لنُدَخنَ النَرجيلَة
أخبِرُهُم أنَّ نهدَيكِ من أسبابِ إيماني بالله
***
وفاطمة.. مُبتَدأ كلِ شيء
***
زَمِّلِيني.. زَمِّليني. دَثِريني بكُلِك. ولا تُغلِقي البابَ. فأنا لازِلتُ أخشَى الأماكنَ المغلقة. ضَعي أنفِي في مفرَقِ نهدَيكِ. ثم امسحي على شَعري، واربُتي على ظهري، كطفلٍ صغيرٍ. واروِ لي حكايا الخبزِ والسُكر.
ولا تُحَدّثيني عن الحربِ، وعن أسرَى الحروبِ وخِطابَاتِهم لنِسائِهم. ولا تَقُصّي عليّ قصةَ ذلكَ الجندي الذي ظَلَّ يكتبُ كل يوم خطاباً لفتاتِهِ، ثمَ جُنّ حينَ عادَ وعَلمَ أنها ماتت في حادثِ سيرْ. وأنّ خطاباتِهِ لم تكنْ تصِل، وكان يرُدُ عليها زملاؤه في السجنِ ويُرسِلونها له، لمواساتِهِ.
احكِ لي قصَتَنا مرةً أخرى.
فأنا سئمتُ الحربَ يا فاطمة. إني سئمتُ الحَربْ.
***
تُباغِتُني بعينينِ لامعتينِ وثغرٍ طفوليِ البسمةِ “ماذا تريدُ أن تصبحَ بعدَ أنْ تموت؟”
تقومُ من فوقِي بسرعة وتقولُ في حماسٍ “سأصيرُ أنا الحكاياتِ التي ترويها الأمهاتُ لأطفالِهنّ قبلَ أن يغفوا. سأصيرُ القبلاتِ المغلفاتِ بالحبِّ على جِباهِهِم. وسأختبيءُ تحتَ وسائدِهِم، وآتيهُم في أحلامِهِم حلوى وأقواس قُزح وبَهجَة.”
أضحكُ وأقولُ لها أنّي أؤمنُ بأنّي سأصيرُ بطريقاً يوماً ما.
تنظرُ إليّ وادعةً، وتلُفُ رقبتي بكِلتَي يَدَيها، وتقولُ “سأموتُ قبلك. وسأكونُ قلمَكَ، وكلماتِكَ، وقَصائدَكَ. سآتيكَ كلّ ليلةٍ في حُلُمِكَ . ولكن لا تَطمع في أكثرِ من قبلة”.
تقولُها بدلالٍ وتُلثمُ شفَتَيّ، فأشُمُ رائحةَ الجنة.
***
من كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ، فليَهوى.
***
سأقتلكِ غداً
(أو رُبما بعدَ غدْ
عَلّي أكتُبُ فيكِ آخرَ قصائِدي)
قالتْ: “ألِهذا الحَدِ تَكرَهُني؟!”
قلتُ: “ألِهذا الحَدِ أحبُكِ؟!”

——-

هوجو

ودوران, وأرجل متمسكة بالثلج.. تحاول إيجاد المركز لتستمر في إلقاء ثقل وزنها حولها, ودوران تُفقد فيه الخطايا ويُتشبع به من الله.. وكأنك قد خلقت للأرض مركزًا جديدًا يتمثل فيك, تتعامد عليه بعد سبع سماوات ملائكة ينظرون, ويحاولون تجربة فعل الدوران.. ولكن أجنحتهم تعوقهم.
مدد.. مدد يا الإله.
 ——–
والثلج يذوب, والأرض لا تلين لك حتي تغرز قدماك فيها, ووقت الدوران قابل للتفتت, والله هُنا.. ويري.
ويسألني الله عن سبب الدوران رغم علمه, فأجيبه بأنه يعلم, هو وحده من يعلم, فيلين لي الأرض, فأنغرز فيها ..ويكيد لي ملاك فيجعل الأرض تنغلق علي قدمي, فأدّور يداي وجسدي في مكاني, وأصرخ مدد.. مدد يا الإله.
——–
دوران, غفران, مسسان, تعبان, ملّان, ليلى..
مدد يا الإله.
العزيز عابد
الرابع من تشرين, عندما توقف االقلب في محراب الله عن التظاهر بالنبض.. لما ابتدي.
اصغ لهذة.

أزرق,دوران,فلك,مشعل,جدل,مكدرات,ابتهال.

جدل

______

“ماما، بدي ارسم بالضي”
– أنا –
***
“ماما، هو احنا ليه مش بنشوف الملايكة؟!”
“عشان مينفعش”
“وليه مينفعش؟!”
“عشان هم مش زينا”
“ازاي يعني؟!”
“احنا مخلوقين من طين وهم مخلوقين من نور”
“يعني الشمس والقمر دول أصلا ملايكة؟!!”
***
وبكرا بيكبروا لولاد
وبيعرفوا إن بعد ما في شوكولا ع اللوبيا والرز
وإن اللوبيا بتعتبر غدا
والشوكولا راح يضل شوكولا
– زياد رحباني-
***
وزيوس لا يُحبني كثيراً
كان يتمنى طفلاً أكثر صمتاً. وأقل جدلاً
كان يريدُ آخراً يُصلي كثيراً. ويبكي كثيراً
ويعرفُ اللهَ كما قالوا عنه بالكتبِ الدراسية
ولا يقرأ عن الحبِ والجنسِ
***

في البَدءِ كانتْ هي
ثمّ انبعثتْ من ظِلها الأشياء
– أنا –

“في البدء كان الله يا كافر !! ”
***
وحبُنا رسلٌ وغجرٌ ومارقون
وكفرٌ وثورة
حبُنا أقلية
***
“كارلا” لا تعشقُ القهوةَ مثلي. ولكنها تدمنُ الشوكولا. حتى أنها صارتْ تدعوني”مستر شوكولا” – لأني أحبُكَ كثيراً مثل الشوكولا-.
وأنا عشقتُ “كارلا” أكثر من قهوتي وتبغي.
***
أعلمُ أني قبلَ أنْ أموت لن أندم على شيء. حتّى “كارلا”، لن أتحسر على فِراقِها. سأحلُمُ بأنَ حظَنا كان أوفرَ في عالمٍ موازٍ. وأننا لم نكن بشراَ. كنا حَمامتين بَيضاوين. سَمكتين. سَحَابتين.أو حتى كَوكَبين لا يَلتقيان أبداَ، إلا في مَوسمِ التَراصُفِ الكونيِّ، فلا يتألمَان من الفراق.
أو في أسوأ الأحوالِ، زجاجَتَي بيرة، يتجرَّعهُما سائقُ شاحناتٍ ألمانيٍ شره، ويتجشأنا من فمِهِ الكريهِ، فنذوبُ في ذراتِ الكونِ، ونُصبحُ عَدَمْ.

*العزيز بجماليون

________________________________________________________________

دوران.

_______

أزرق,دوران,فلك,مشعل,جدل,مكدرات,ابتهال.

______

ولم أكن أستطيع الكتابة حيث كان حامد يغني لي في رأسي, يعاتبني قائلًا:

“بتتذكري لما قلتيلي إنك رح تتزوجيني بلا فلوس وبلا بيت”

أصمت فيغني ثم يُعلي صوته قائلًا:

“تذكري كيف كنا هيك؟؟”

ثم يسخر من شعري القصير قائلًا:

“خمنتك شاب يا مودمزيل لا تواخذيني، باردون.. باردون.”

ويستفزني بأنه لا يكف عن القول لي بأن غدًا يوم أفضل، ويظل يكرر يوم أفضل يوم أفضل يوم أفضل.. حتى اللا نهائية.

____________________

اليوم كنت أدور في فلك الله، وتعثرت بكوكب فخرجت عن مجالي الذي حددته جاذبية الخشوع له.

أدركت الاختيار، فاخترت المشاجرة معه، أخبرته أني أكرهه وذهبت لأنام. ولم أكن حقًا أكرهه، ولكني كنت أحتاج مصالحة، كنت أعتقد أنه سيأتي في أثري ويصالحني. انتظرت أن يصالحني الله ولم يفعل, لذا أخبرته أني أكرهه مجددًا ولكن هذه المرة كنت أعنيها. يبدو أنه قد حزن, ففي صلاة الليل لم يأتي وتركني وحيدة.. الله ترك ليلي وحدها.

___________________

كانت جدتي في الفجر تصحو: تدور في البيت، وكانت أمي تقول لها: “بتوشّي في البيت بس ليه يا حاجة؟”

فتجيبها: “ما انتِ عارفة يا بنتي هوا الفجر وريحة القهوة, لو فوتهم يوم.. أموت ”
وكنت أنا أجلس أمامها علي طاولة في المطبخ، كانت تجرش الهيل, وتضيفه للبن المطحون, تضيف القرفة والسكر والزنجبيل، وأشياءَ أخري لا أذكرها.. تخففهم بالحليب, وتتوقف بين وضع شيء وآخر لتتنفس. تضع الركوة علي أصغر شعلة, تخبرني وهي تضحك: “لو مستوتش ع الهادي ميبقاش لها طعم يا ليلة”

____________

كان النبي الكوني الأزرق يبتسم لي وهو يصدح بالغناء، وكنت مثقلة بالكهرباء التي نُقعت فيها، كنت أرتجف وأشعر وحدة، كنت لا أزال متخاصمة مع الله, ولم تكن هناك جاذبية تُريني المسار، فوقعت في مدار حب الأزرق.. وضمني إليه، واتفقنا بكرة هنتقابل على طرف المجرة.. هنشبك إيدينا وهنتمشي بين النجوم، وآخر اليوم قبل ما أروّح هيحضني, وهنعيط.

___________

عندما صعدت روح جدتي للسماء كان لا بد أن يهبط جسدها للأرض, وكان هذا قبل الفجر بقليل, وكنت محدقة بها ولم أكن أصدق أن هذه جدتي رغم أنها كانت تبتسم كعادتها.
لمستها.. وكانت باردة، ففزعت وأخذت أقسم لهم أنها ليست هي بل هي محبوسة بجسدها و إحداهن تغطيها بالبرد وتتظاهر بأنها هي, ويجب علينا أن نخلصها منها.
أخذت أهزها وأخبرها بأنها يجب أن تستيقظ فسيفوتها الفجر، وعندها ستموت حقًا, ولكنها لم ترد.

______________

هذا العصر زارني كائن أسود في المنام, عبث بي، ولها بملامحي، كان يغير أماكنها وكنت مستسلمة له، فقد كان يؤنس وحدتي.

أدخل ظفره الطويل في عيني، وتألمت لأني لم أتألم وصرت أرجوه أن يرحل، ولم يكن صوتي يخرج. كنت محمومة ولم يمسح أحدهم جبهتي بماء ثلج. والأزرق كان يهيم وحده في الفضاء دوني, وكان يُصفر لنجمة الشمال ويواعدها على لقاء على طرف المجرة.
ثم جاءني وجه جدتي تبتسم, ففزع من رقتها الأسود ورحل.

_____________

كان حامد لا يتوقف عن التصفير والغناء والابتسام بسخرية داخل رأسي، وكان يطالبني بأن أغني معه، كان يناديني لأرثي معه حبيبه وكنت أرفض.. ولكني أدركت معني الفقد, فأخيرًا وافقت.

رحت أغني معه بنبرته..

“مش مبسوط.. وبني شي, وما في شمس بكرشي, مالي عازة.. وهيك مطول
وغدا, منو أفضل
منو أفضل..
منو أفضل يا حامد.

___________

كان الفجر بعدها دائمًا ناقصًا، كان الفجر باردًا برودًا يدفعك للخوف.
___________

“شم الياسمينة.. ودق الدبس بطحينة.”

__________

كنت أجلس بالشارع أدخن وعبر رجل ما، نظر لي باشمئزاز، وبصق على الأرض أمامي.

كدت أن أسّب له الأيمانات كلها من بدء الخليقة وحتى القيامة، ولكني تراجعت وضحكت, فاستفززته ليرجع ويخبرني بأني عاهرة.

ربتت جدتي على كتفي وابتسمت لي، فسامحته.

________________

في اليوم التالي كنت أتجادل مع الأزرق، كنت قد اشتقته حتى انتهيت وبُدئت من جديد.
كان كياني مظلمًا بفقد جدتي, وصوت حامد .
لف يده حول خصري وجذبني، وأخذنا ندور كأننا فوريرة/ نحلة تلقي بثقلها حولها فتدور أسرع.
كان يغني في أذني ابتهالات -وكان له صوت حامد- كنت أحب أن اعتقد أني نصيبه الذي لن يفل.

“جابلي بالونات، وغزل بنات، وشجر ألوان ,رسمنا بيه دواير جوه بعض, وسَكنا المركز. اداني شوكولا سايلة، رسمت بيها شفايفي، فأكل منها، ومن مطرح شفايفنا العريانة طلعت الشمس, والبرد راح.”
وكنا لا زلنا نتجادل,عن ما إذا كان طلوع الشمس يتعلق بالشورق أم بالغروب .
_________

“واتذكر, اتذكر, اتذكر, تذكرني”
_________
يقبل حامد وجنتي ويمسح أثر قبلته عني, يخبرني أني منيحة, ويرحل.
أناديه، أقول له: “أنا ليلى.. مشروعك, تذكرني؟ أنا مني منيحة.. مين منيحة اللي بتناديني باسما؟!”
____________
لا اعرف لم, ولكني فقدت الأزرق في لفة دوران جدلي, وانتظرته يعد..ولكنه لم يفعل.
___________
“شم الياسمين.. وتذكر تنساني.”
_________

“الله لا يترك أحدًا وحيدًا” هكذا قال، وهكذا وجدت الله يحمي ظهري ولا يتكلم.

________

*العزيزة ليلى

_________________________________________________

اصغ لهذة وأنت تعيد القراءة

http://www.youtube.com/watch?v=HCH5h5KK5yY&feature=endscreen&NR=1

حديث إيفا

جوان 11, 2012

“الله لا بيت له”.
كانت هذه هي إيفا تخبرني عن سبب كون كل شيء سكن لله, لم أفهمها حينها, ولكني الآن أفعل.. كانت إيفا أكثرنا دهاءً, لذا هي الأم الكبرى, ما قصدته إيفا كان أكبر من أن يُسأل لذا خبرته.
******
ويخبرني هاوي قراءة السير الذاتية أنه كان لكل كاتب متفلحس عظيم -تقريبًا- عاهرة يجد الله فيها, ثم يكمل لي بلهجته الشامية “ياخيّ..أنا بعرف الله, ما بدي عاهرة هي اللي تخبرني عنو.. أنا مالي ومال العاهرات، هن أنجاس وأنا شو بدي بالنجاسة!”
أخبره ألا يقلق فهو مدمن وطن, والأوطان عاهرات, لذا فقد حصلت على عاهرتك بطريق غير مباشر.
العزيز عنى بإيجاد الله في العاهرات, إيجاد السكينة ولربما التطرف.. حقيقة عنى الحياة, والله هو كل الحياة.
******
صاحبة الشعر القصير والكلمات المبهمة, تبحث معنا عن الله، تعبث بالكلمات وأحيانًا تقتلها..
تبحث عن التحليق بلا أجنحة.. وتقول أن الله هو الغاية والمبتغي وجهه.
تصر معنا علي أننا سنفشخ العالم
الصغيرة العزيزة التي تدفعك رقتها إلي احتضانها حتى تتفتت داخلك فتتوحد معك وتعطيك رقة, تريد أن تجد الله, وتريد أن تعبث وتعمل بجد، تريد الفلحسة، والرسم, تريد أن تبوح وتكتب والأهم أنها تريد حقًا أن تجد الله، لكنها فقط لا تدري بكل هذا لذا تتابع العبث في فلكها وحيدة.
******
تخبرني إيفا مجددًا أنها تعارضنا في مسألة كون الكتابة غاية أم وسيلة ثم تكمل أن الكتابة هي الغاية الأعظم والأوحد وكل شيء آخر وسيلة لا أكثر.. حتي الله.
تقول: “أنا متل عابد.. بعرف الله منيح وما بحتاج ختيارة ولا حكيم لأسئلهن عن الله ف يخربطولي الحكاية بشو تعقيد وليش ومصطلحات وتراكيب وما بعرف شو, أنا أعرف الله.. أنا بس بكتب عنو كأني ما بعرفه.. وبعرفو لأني بكتب وما بكتب لأني بدي أعرفو .. يعني أنا بكتب تا لاقيه بس بنسي, ف بفكر حالي عارفاه..
منك فهمان عليّ موهيك؟؟
نهاية القصة أنا ما بدي إتحدف في جنهم لجل اللي بكتبو.. مشان الله، مشان الله سكر هالموضوع ما بدي إحكي”.
اسألها سؤالًا أخيرًا عن ما إذا كانت تؤمن بالله أم لا.. إذا كانت تعرفه أم لا؟
تقول:
“أنا خبرتك قبلا إنو الفرق ما بين معرفته والإيمان فيه منو موجود صحيح؟
وهلا بخبرك إنو كل الماضي كدب وكل المستقبل عتمه.. فتش عن ياللي موجود بكل لحظة حاضر راح تلاقي إنو وحده الله هو الحاضر.
والحاضر هو الحق، والله هو وحده الدايم لكل لحظة حاضر.
******
لأن إيفا خبرتني يومًا عن الله الذي وحدها من تعرفه, وحدثتني أيضًا عن بيته الذي هو كل شيء ولا حدود للكل شيء.
والذي لا حدود له هو لا شيء.. لذا, نعم يا إيفا الله لا بيت له.
 
*العزيز سوفو
 

حال

جوان 8, 2012

أن تحمل نفسك على الكتابة يوميًا، لهو جد مجهود مضنٍ. أن يكون كل يوم بلون ومذاق مختلفين. الزمان ينهار ويتشكل كالكثبان الرملية. المكان يتفكك كقطع الميكانو ويعاد بناؤه بتصميمٍ مختلف. أتوه يومًا في الشوارع بين البؤساءِ وبائعاتِ الهوى، ويومًا أحشر نفسي بين المثقفين في مقاهي وسط البلد أو باريس. زوارٌ جددٌ كل يوم.

يستمعُ قيس إلى شدوِ عبد الله المنصور”ولو فهموا دقائق حب ليلى…”، فيضرب على صدره ويبكي من الوله.

يطل السادات برأسه على الوضع السياسي، وكعادته يعبئ غرفتي بدخان البايب، ثم يقول بثباته المعهود: “الوضع بقى غاية في السوء. السفلة ملوا البلد!!”. بينما يخبئ عبد الناصر وجهه بين كفيه.

أدخل في حالة من النورانية والوجد الإلهي أنا وأصدقائي من الكائنات الفضائية، عند سماعنا لتلاوة الشيخ /المنشاوي لسورة يوسف.

ومن ذرات العشق بدخان سيجارتي الأزرق، تولد “إيفا جرين”. تدنو مني، فأصبح على شفا حفرة من النار. ما أكاد أن ألتهم ألسنة اللهب، حتى تقطع”كارلا”حبائل اتصالي. شفتيها تضيئان ككرتين من نار. أستغل عشقها للفيزياء وأقول لها “تعالَي نُعيدُ تجربةَ “البيج بانج” لنشهدَ ميلادَ الكونِ. علّنا نحظَى بقبسٍ من الغيبِ، فنولدُ من جديدٍ، أنبياءَ صغارًا”. ألثم شفتيها، ثم أحاول الطيران، فيستحيل الوصول.

تربت يد على كتفي. ألتفت. فأجد “مارلون براندو” بكامل هيئته واقفًا خلفي. أتاني بالأبيض والأسود. وبنفس نبرة صوته وطريقته الكلاسيكية الأرستقراطية في فيلم”الأب الروحي”، يحاول أن يخفف عني بإلقاء بعض أبيات أبي نواس. أبصق عليه، وأطفئ جميع الأنوار، وأشرع في النوم.

أتنازل عن الكتابة هذه الليلة، حتى تأتيني”إيفا جرين” ثانية.

 _______

* بجماليون  -الشتاء الأول بعد الانفجار العظيم.

Une histoire sur la guerre.

جوان 6, 2012

كنت أتفحص صور ألبوم الصور الفوتوغرافيه خاصتنا , ووقعت في غرام صورة لي حيث كنت أرتدي فستانًا أزرقًا من الساتان وبه ورود بيضاء ,وقفازين من الدانتيل المورد الأبيض

وأتمسك بيد أخي الأكبر الذي يبتسم في هدوء,وكنت مطمئنة.

______________

كنا دومًا نجد طريق للإندماج,سواء الإندماج معًا أو مع العالم .
_______________

حينما بدأت الحرب جندوا شباب مدينتنا ومعهم أخي ,كانوا يعلمونهم ضرب النار,والقتال بالمديات وركوب الخيل وأشياء أخري,وكانوا يسمحون لهم بأجازات نصف شهريه
وحيث أن أخي كان يعلم كل هذا لم يسمحوا له بإجازاة,يالهم من أشرار.
_____________
_Comment est-tu?
_je suis très bien,merci.
_amnistie.
_Comment êtes-vous?
_Je suis en excellente condition.
_bien.
كان مسموحًا أن نتحدث في بيتنا بالفرنسية كلغة ثانية و أحيانًا أولي .. ولكن منعت عنا الإنجليزية رغم أننا كنا نتقنها ولم أعرف لمَ!
_______________
كنت في الصورة ,وكنت ملتصقة بأخي ,وكان كعادته ذا قامة فارعة,كنت في الرابعة عشر.

كنت أرتدي بنطالًا أزرق ,وقميصًا أبيض ,وكنا في الإسكندرية..
كنت مائلة علي أخي وعلي سور اليخت مناصفة .

وهمس لي ..
_Je t’aime
ورددت..
_Je suis aussi

_____________________
بعد الحرب,لم يعد أخي مثلما كان ..كف عن الهمس في أذني بالفرنسية ,واستعمل الانجليزية الباردة في حديثة
__________
كنا نفشل في الإندماج سويًا ولكننا فشخنا العالم بالإندماج معه ,لم أعرف أكان هذا يدعو للفرح أم الحزن,أيًا يكن,أخي لم يعد يهتم ..حقيقة ولا أنا.
________

دعك من الصمت,إنه بلا فائدة.
____________
اكتبي لفلاحسة..الكتابة ستجعلك تشعرين أفضل_عيشي كمتفلحسة_تنفسي فلحسة_انضمي للكوكب خاصتنا_شو بدك يعني بالفلاحسة_نحن الفلاحسة نكتب ونعبث_أعتدت العبث بالقلم..إذًا أنا متفلحسة من يوم_تيجي نعمل حاجه اسمها فلاحسة!؟.
________________
كنت أنظر للصورة التي أنا بداخلها,كنت أرتدي شيء ما علي شعري ولكنه ليس قبعة,كان يغطي شعري..يحجبه بالكامل.
كان عمري سته عشر عامًا
وكان أخي قد تشبع ببرود الأنجليز
وكنت قد بلغت لتوي..وكان يتجنبني,حسنًا أنا كنت أتجنبني.
_______________
كنا لا نتحدث سوي بالإنجليزية ,وكان أخي قد قتل في الحرب مع قوم لغتنا.
وقالت لي أمي عندما بكيت عليه ,”لا تبكي ..كانوا قد قطعوا قدميه قبل قتله..كان سيبدو في الصور قصيرًا.”
نعتها بالساقطة ..ورحلت عن المنزل.
وكنت احدق في التصاوير..ولا أفهم من هذة التي ترتدي الأزرق والأبيض دومًا؟
_________________
كانت أم إبراهيم الداية تحممني
وتقول لأمي أني سأكون جميلة,ولكن..
“لدعتها هتكون بالقبر,براوية يا مريم, بنت براوية وغدارة”.
لم أفهم لم كانت امي تدعها تقول لها مريم وليس مسز جوزيف مثل جميع الخدم ..ولم أفهم كيف صدقتها..أنا كنت صغيرة جدًا لأكون شريرة..أنا حتي لا أذكر قول أم ابراهيم هذا ..إلا أن امي لا تدعني أنسي.
_______________
عندما قابلت إبليس كنت أتظاهر بالشعور بالرعب ,وكان يجعل نفسه يبدو شريرًا ..ولم اتمالك نفسي من الضحك ..علمته عن الشر واحتسينا سويًا عصير البرتقال وأكل باتيه أم ابراهيم الساخن المصنوع من السمن البلدي والجبن الفلاحي,وأعجب به كثيرًا.
_________________

كان أخي يمقت الكتاب ويقول عنهم جبناء يقول:
“يتحدثون عن الموت؟طب قوليلهم تعالوا شوفوني,أنا حتي مش لاقي رجلي!”
كان أخي الميت يتحدث لأول مرة بالعربية ..وأيضًا بالعامية ..لذا وقعت في حب قاتليه الإنجليز.

_______________
كنت اتحرش بمدير البلدية حتي يوافق علي إعطائي ترخيصًا لبناء البيت في العجمي ,وكان يراني جميلة ويائسة للحصول علي الترخيص وأراد اكثر من مجرد التلامس والتنهيدات,وأنا أردت بيت العجمي..لذا قرر زيارتي في بيتي ,وقابلته..وعندما كان يفك حمالة صدري أدركت أني لم اكن أكتب حينها وكان هذا يحدث بالفعل, فدفعته لطاولة القهوة,فخرج يلعني ويعدني بأني لن أري أرض العجمي وليس مجرد البيت.

___________________
كان عمري ثمانية عقود,وكنت أمسك ألبوم صور فوتوغرافية لي ولأخي
ولعنت الحرب بلا سبب محدد..
وكنت أنا وإبليس نتحادث ونحتسي عصير البرتقال
وكانت أم ابراهيم قد ماتت لذا لم تصنع باتيه من الذي يحبه إبليس صديقي
ويومها خبرني إبليس عن شيء يدعي الله.
________________
ندهت عليّ أمي لتلتقط لي صورة مع أخي فنزعت القفازات والقبعة ووقفت بجانبه
وقبل أن تٌأخذ الصورة مباشرة
قفزت وتمسكت بعنقه
فضحك
كان أخي لأول مرة يضحك!
وكذلك فعلت
وخططت أني اليوم في العصرية سأشرب البرتقال مع الله
وسيحدني عن الحرب وسأرجوه أن يمحيها..أليس قادرًا علي كل شيء؟
_____________
شكرًا يا إبليس أيها الصديق الناعم.
___________
*المخلصة ليلي ..أو العزيزة كما يقول الفلاحسة

 

http://www.youtube.com/watch?v=lJtuqjeRqE0

-عبثًا– أحاول أن أكمل مطلع قصيدة كنت قد بدأتها عن يمامة بنفسجية تحاول أن تحمل النور إلى آخر الكون.
أتفقد صندوق البريد الإلكتروني الخاص بي، فأجد رسالة من كوكب بلوتو، يشكو لي فيها وحدته وحزنه. كم أصبح عجوزًا!! أدركته حكمة الشيوخ. يخبرني أنه أصبح أكثر شبهًا بـ “مورجان فريمان”.. حتى في نبرة صوته الحزينة.
أجد وصيته وقد أرفقها مع الرسالة في ملف وورد، ويحلّفني ألا أفتحها إلا بعد انفجاره.
أشعر بالجوع. أجد أمامي على المكتب صورة لكارلا، فآكلها ظنًا مني أنها الحلوى. فيزهر قلبي، وتتفجر منه الأنهار. تنمو بداخل أحشائي القصص الخرافية، وأقواس قزح، وأشجار الشوكولاتة، وتولد منها التنانين الصغيرة. وأبيّضُ. فأشفُ. وأخُفُ. ثم أطير كفقاعة صابون إلى خارج حدود غلاف الأرض. أصل إلى كوكب الزهرة، فأقبله، وأتوسد كتفه، وأنام.. دون أن أكمل قصيدتي عن يمامتي البنفسجية.

____________

*بجماليون – قبل بزوغ الفجر بساعة في عالم موازي.

high sexuality!

هذا هو ما يكمن أن أقوله عما كان يحدث بداخل رأسي طوال ساعات النوم الطويلة ليلة أمس! جيد أنه لم يكن ثمة أطفال في الجوار!.

الحقيقة هي أن الجائعين يسعون بين صفا الجوع ومروة التضور جوعًا في وقت فقد فيه الحجر الأسود كل كراماته. الجائع مستعد لالتهام أي شيء.. ليت هذه كانت الحال هنا، فالجائع ليس له أن يقرب أي شيء ولا بعض شيء.

أدعي أن هناك علاقة ما قوية بين الفراغ العاطفي وفراغ فم إحداهن من رضاب الحبيب. الحبيب.. لا أحد غير الحبيب وشفتين تهمسان/ تحنوان/ تلثمان وتقيان القلب شيبته.

ربما أعرف سبب الأسى الذي يعتريني عندما تقع عيني على صورة لحبيب سابق، ذلك على الرغم من أني قد توقفت عن حبه/ كرهته/ لم أعد أفكر فيه كما اعتدت أن أفعل. العلة.. أن الفتاة التي حرمت عليها شفاه جميع الرجال وزهدتها كما الناسكات اللائي لم تختلب أعينهن ملاحة فتان.. تلك الفتاة التي لم ترِح نظراتها على مُحيا الحبيب سوى مرة واحدة بدون حجاب.. تلك الفتاة التي انغمس صوته فيها كما يدفع مغتصب بآلته في مغتصَبته بقوة وهي راضية.. تلك الفتاة قد أكلت شفتيها في انتظار شفتيه، فإذا ما طالعته تذكرت كم هو عارٍ قلبها منزوع الشفتين، وكم سيظل كذلك!.

______________

العزيزة إيريكا

يوم الميلاد إلا شهقة